تاريخ البريميرليغ


لا زال البريميرليغ يعيش قصصه الجميلة بتبنيه المفهوم اليساري بصيغته الكروية والذي يدعو الى المساواة بين جميع الاندية في الحقوق والواجبات ، واستثمار هذا النمط الرياضي من اجل خدمة المجموعة وبالتالي تحقيق الانجاز الذي سينعكس بدوره في مختلف مجالات وانشطة الحياة الاجتماعية في بلاد الضباب ..
في حين توغل الليغا الاسبانية بالممارسات اليمينية التي تدعو الى الحفاظ على هيكليتها الميالة لكبار اللعبة في بلاد الاندلس على حساب فئات الوسط والصغار ، مما يوحي بسنوات عجاف قد تشهدها الكرة الاسبانية في المحافل الدولية والقارية ( منتخب اسبانيا ) ، وتمرد قادم من الاندية الاخرى التي تنشط هناك ، اذ من غير المعقول أن تبقى القطبية الثنائية مسيطرة على مقاليد السلطة هناك ، وسط نشاط لا يتجاوز الازعاج من نادي اتلتيكو مدريد الذي يبدو انه استسلم لحركة السوق والاقتصاديات الرأسمالية وبدأ بطرح اسماء نجوم الصف الاول في السوق النشطة ، بل راح ابعد من ذلك بعدم ادراج بنود ( عدم التحاق لاعبيه ) بالقطبين مما يضعف موقفه المعنوي في جدول الترتيب ...
يسارية البريميرليغ والتي ابتدأت مع تدشين النظام الجديد للدوري الانجليزي في بداية تسعينيات القرن الماضي بتوزيع حقوق البث التلفزيوني التي وصلت حدود ال (6 مليار استرليني ) مؤخرا بين الفرق والمؤسسة بالتساوي قد منحت المنافسة في بلاد الانجليز ابعادا اخرى أبرزها الجانب التسويقي الذي يضاعف غلة الارباح يوما بعد يوم ، ناهيك عن احتدام البيئة التنافسية في بريطانيا ، ليشكل البريميرليغ مؤخرا مقصد الناجحين ، وطموح الموهوبين ، وقبلة الطامحين ..
وتكرس الليغا في بلاد الماتادور مفهوم يتعدى اليمينية في التطبيق ، بل يصل الى الشمولية والاقصاء ببعض الاحيان ، احياء الفوارق بين الاندية وتهميش اندية ما تحت ( الفرق المنافسة على المراكز الاوربية ) في توزيع عوائد البث التلفزيوني اثار في الامس القريب الجدل، حيث كانت تلك الاندية تقترب من الاضراب في بداية الموسم الكروي قبل عامين من الآن ، في حين اوجدت الجهات المسؤولة هناك بعض الحلول الترقيعية المؤقتة والتي لا تزال مستمرة حتى الوقت الحاضر وبلا حلول دائمية.
يسارية البريميرليغ منحت جل المباريات متعة من نوع خاص تتأتى من قوة المنافسة هناك ، مع تغيير توقيتات المباريات لتناسب المساحة الشعبية الواسعة في اقصى ديار المعمورة قدمت امتياز اضافي وسوق داعمة للبريميرليغ في شرق القارة الاسيوية على سبيل المثال في ( الصين واليابان وتايلند ) مما اجبر القطاع الاستثماري في تلك البلدان الى فتح اسواق وتصدير بضاعتها هناك في بلاد الضباب معنية بالبريميرليغ والتشامبونشيب مهما كان مركز الفريق الذي يتم دعمه كون القطاع الجماهيري الداعم للنادي مضمون سلفا ، ولم تقف قوانين البريميرليغ على مغازلة السوق الشرقية للقارة الاسيوية والولايات المتحدة الامريكية فحسب ، بل انها اجتذبت قطاعات المال الخليجي الذي دخل بكل قوته وثروته من اجل صنع الانجاز هناك ، بالتالي فتح مجالات اوسع وافاق اكبر لصناعة كرة القدم البريطانية في السوق الخليجية ..
شعور التيار اليميني المغالي في الليغا بخطورة الوضع ، وانحدار منحنيات شركات الرعاية والتسويق لبقية الاندية بأستثناء ( القطبين ) جعل هذا التيار يتبنى اقامة بطولة جديدة وبقوانين جديدة قد تساهم في جذب الاقتصادي نحو صغار القوم هناك ، ( كأس السوبر الاسبانية ) التي تم اقرارها من اجل العائد المالي البحت كانت الفكرة التي ركن اليها تيار ( العراقة ) في اسبانيا ، ( بطولة مصغرة من اربع اندية وثلاث مباريات ) تقام خارج حدود المملكة الاسبانية خطوة قد تأتي بأكلها في المستقبل القريب ، اذ قد تمنح صغار القوم الدافع المفقود في التواجد بها والترويج لأسمائها خارج حدود البلد .. بل قد يكون خارج حدود القارة ، بجانب تحقيق الهامش المالي المقبول في ظل الحالة الاقتصادية المحدودة التي تعيشها تحت جور قوانين البث التلفزيوني المجحفة ..
وقد يقول قائل بأن المنتخب الانجليزي لم يتأثر بعصرية وحداثة وتحديث البريميرليغ الذي نتحدث عنه ، او قد لا تتناسب مكانته العالمية مع صدارة البريميرليغ للدوريات الكبرى اثرا وتأثيرا ، في الواقع هذا الموضوع شائك ومعقد ، اذ يتعلق بالاسماء المنتدبة في الادارة الفنية وصعوبة تكييف الاسماء المختارة في التشكيل مع بعضها بسبب فترات الانقطاع الطويلة عن المحافل الوطنية ، ناهيك عن قوة المنافسة المحلية على مستوى الاندية التي تؤثر بسكل او بآخر على الجانب البدني للنجوم ، لكن مع ذلك فالمؤشرات حاليا تبدو ايجابية ، فالفريق الانجليزي تأهل الى سيمي فاينل المونديال الاخير رفقة المدرب ( ساوثغيت ) مع وجود حالة رضا بين القطاع الجماهيري والاعلامي والرياضي حول المردود ، ليبقى الهدف مبنيا في الخطوة التالية على بلوغ نهائي يورو 2020 ..
في حين عاشت الكرة الاسبانية عصرها الذهبي للفترة من (2008 الى 2012 ) وهي فترة توهج ( دريم تيم برشلونة ) رغم استمرار اليمينيين هناك بأدارة المؤسسة ، والجواب حول الموضوع يتعلق بجودة افراد برشلونة بعيدا عن اي حسابات اخرى ، فالجيل الذي قدمه ( بيب غوارديولا ) للعالم بلغ الكمال الكروي وقمة الاداء ، فالفريق الذي ضم ( بيكيه ، بويول ، انييستا ، تشافي ، بوسكتس ، دافيد فيا ، بيدرو ) كان الاستثناء عن القاعدة التي قامت بوقتهاعلى اساس ان اسبانيا لن تتنازل عن دورها في ان تكون الحصان الاسود في البطولات ولن تكون البطلة يوما ما .. فلسفة ( تيكي تاكا ) التي تشبعت بها تلك العناصر كانت الفيصل بتحقيق النجاح بأعتراف ( فيسينتي ديل بوسكي ) الناخب الوطني الاسباني السابق ... ومع تقدم فرسان البرسا بالسن ، فقدت الكرة الاسبانية رونقها وبريقها ، وباتت تصارع من اجل الوقوف مجددا ، لكن مع سيطرة التيار اليميني على مفاصل الليغا فالعودة ستكون بعيدة ما لم ينفض غبار الفوارق بين الحيتان والاسماك الصغيرة هناك ....
خطوة نحو اذلال وتذليل الفوارق بين الكبير والصغير ببلاد الاندلس اتت بنتائج طيبة ، استخدام تقنية ال (Var) الذي كان كفيلا برفع شيئا من المعاناة عن كاهل الصغار هناك بشعورهم بالمساواة مع الكبار ، حيث كان التحكيم الاسباني سابقا مثار جدل كبير في اروقة الدوري ...
بالعموم فاليساريين ببلاد الضباب حققوا المطلوب ويواصلوا التطوير وبسرعة كبيرة ، في حين ان التيار اليميني في الليغا شخص المشكلة ، وبدأ بتقديم الحلول ، لكن ببطء ، هو يحتاج لخطوة جبارة ، يحتاج الى تطبيق المساواة في عوائد البث التلفزيوني التي ستجعلنا نشهد مباراة ( خيتافي وليفانتي ) كما نشاهد وننتظر ونحلل مباراة ( ويست هام ضد وولفرهامبتون

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

تساؤلات التحليل

تقنيات التحليل.